الهوس الاكتئابي … بن المامون: قد يتطور إلى مرض نفسي

بن المامون أكدت ضرورة التمييز بين النوبات المزاجية وأعراض الهوس الاكتئابي

حذرت الدكتورة زبيدة بن المامون، معالجة نفسية وخبيرة في التطور المستمر والقيادة، من اللجوء إلى التشخيص الذاتي عبر الانترنت في حال ظهور بعض أعراض الهوس الاكتئابي، التي قد تكون مرتبطة بنوبة مزاجية عادية لا غير، لكن المصاب يقتنع بها وسرعان ما يتحول اقتناعه إلى هوس يؤثر سلبا عليه، مؤكدة على ضرورة الخضوع للإشراف الطبي في مثل هذه الحالات لتفادي مضاعفات
المرض الذي قد يدفع صاحبه إلى الانتحار. تفاصيل أكثر في الحوار التالي :

ما هو الهوس الاكتئابي؟
الهـــــــــوس الاكتئابـــــي أو الاضطراب ثنائي القطب هو مرض نفسي يتميز بتغير المزاج وعدم اتزانه وتغير الأنماط السلوكية عند الشعور ببلوغ القمة (هوس) أو عند الشعور ببلوغ الحضيض (اكتئاب)، كأن يمر المرء من حالة النشوة والشغف والجنون إلى هاوية الاكتئاب، ومن التهور والاندفاعية إلى اللامبالاة، كما قد تتراوح حدة العلامات الأولية حسب مراحل الإصابة، وتختلف الأعراض بين المعتدلة ثم الحادة جدا وشديدة الخطورة (يصاب به 1 في المائة أي 60 مليون مصاب عالميا).

ما هي مراحل الإصابة به والأعراض المرافقة لها؟
هناك مرحلتان أساسيتان للإصابة بالاضطراب ثنائي القطب: مرحلة الهوس أو القمة، التي يحس فيها الفرد بفرط في النشاط الجسماني وفرحة عارمة (نشوة)، ثم طاقة لا يستطيع التحكم فيها وخلل في تحكيم العقل، أو رغبة شديدة في العمل وتحقيق الأهداف وفعل العديد من الأشياء في وقت واحد، أو تواتر في الأفكار ورغبة جنسية شديدة، مع قلة الحاجة إلى النوم، فقد ينام الشخص المصاب بالهوس الاكتئابي ساعات قليلة دون أن يحس بالتعب، كما قد يتحول الواقع بالنسبة إليه إلى خيال ويحس وكأنه ليس من هذا العالم.
أما المرحلة الثانية فهي مرحلة الاكتئاب والحضيض، وتتميز بأعراض مشابهة لتلك الخاصة بالاكتئاب، كالشعور بتعاسة قصوى وذنب ويأس وانعدام للأمل، مع فقدان للشهية والتركيز والرغبة في كل شيء، بالإضافة إلى إرهاق وقلق وعصبية وعدم الاهتمام بالفعاليات اليومية، وتبادر للأفكار الانتحارية أو النزعة في ارتكاب على تصرف انتحاري.

ما هي أنواعه؟
هناك نوعان من الهوس الاكتئابي، الأول يشعر فيه المريض بابتهاج، ثم بقلق معين وتغيرات في أدائه اليومي وتغيرات مزاجية طفيفة، لكنه يبقى قادرا، إجمالا، على الاستمرار في حياته بشكل طبيعي، أما النوع الثاني، فتكون فيه فترات الاكتئاب أطول منها في الهوس الخفيف بشكل ملحوظ، وقد تتطور فيه النوبات الحادة إلى اضطراب نفسي شامل (الذهان) أو حتى إلى انفصال مطلق عن الواقع، وتشمل أعراض الهوس الاكتئابي الحاد أو المطلق سماع أصوات أو رؤية أشياء غير موجودة (الهلوسة) والإيمان القوي والحقيقي بأمور ليست صحيحة (أوهام، انخداع بصري أو حسي).

ما مضاعفاته؟
قد يؤدي اضطراب الهوس الاكتئابي، إذا لم تتم معالجته بشكل مناسب وناجع، إلى مشاكل عاطفية ونفسية خطيرة قد تصاحبها مشاكل اقتصادية واجتماعية وقضائية، ثم خلل في أداء المهام في العمل أو المدرسة أو البيت، وعزلة وإقصاء اجتماعي، من شأنها أن تؤثر على مختلف مجالات الحياة اليومية للمريض، كما قد يدفع صاحبه إلى الانتحار واستهلاك الكحول والمواد التي تسبب الإدمان.

ما أسباب الإصابة به؟
ما من معلومات حقيقية متوفرة، حتى الآن، حول المسبب الحقيقي لظهور الهوس الاكتئابي، كما قد يظهر دون سبب معين. لكن، يبدو أن هناك مجموعة من العمليات البيوكيميائيــــة (تغييـــــرات فيزيولوجية بالدماغ) والوراثية التي تؤثر في ظهوره سبب عضوي أو وراثي أو دون سبب معين.

كيف يتم تشخيصه وعلاجه؟
يتم تشخيصه من قبل طبيب نفسي أو اختصاصي، من خلال إجراء عدد من الفحوصات الطبية والتشخيصات النفسية. أما علاجه، فيكون عن طريق الأدوية التي تعدل مزاجه أو المضادة للاكتئاب والهوس، ثم العلاج السلوكي الإدراكي وجلسات العلاج النفسي. وعموما، يجب الحرص على الخضوع للتشخيص الطبي على يد مختص ما إن تظهر أعراض المرض لدى الشخص، لأن الكثيرين يعتمدون فقط على الانترنت، ويقومون بالتشخيص الذاتي، فيظنون أنهم يشكون الهوس ويتوهمون إصابتهم بأعراضه (بأنهم ثنائيو القطب)، بينما يتعلق الأمر فقط بنوبة مزاجية عادية (يكون فرحا في وقت ما ثم تعيسا بعد ذلك)، ما قد يجعلهم يقتنعون بفكرة أنهم مرضى ويدخلونها في عقلهم الباطن، وهذا أمر خطير جدا، يجب تفاديه والخضوع للإشراف الطبي للجزم في الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب.

كيف يمكن الوقاية منه؟
من وسائل العلاج والوقاية كذلك أن يظل الإنسان في حالة طاقة متزنة إيجابية، غير مرتفعة جدا ولا منخفضة، وليست حالمة قد تسقطنا في الهوس، فالاعتدال هنا ضروري جدا، لأننا هكذا نؤثر إيجابيا على العقل الباطن الذي له دور كبير في طاقة الشفاء.
أجرت الحوار: يسرى عويفي